By

من أحكام محكمة النقض في صحة الزواج 

المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً ، و زواج المسلمة بغير المسلم حرام بإتفاق – لا ينعقد أصلاً ولا يثبت منه النسب .

( الطعن رقم 16 لسنة 35 ق ، جلسة 1967/3/8 )

اشرف مشرف المحامي/ 00201118850506 / 00201004624392 /00201224321055 / ashrf_mshrf@hotmail.com /مصر / www.mshrf.com / ولله الأمر من قبل ومن بعد

By

اجراءات زواج الأجانب

توثيق الزواج في مصر ليس دائما في مكاتب التوثيق

بقلم

اشرف مشرف المحامي

 

من المتعارف عليه أن الطلاق وهو في جوهره إنهاء للعلاقة الزوجية يثير الكثير من الإشكاليات سواء في الزواج الإسلامي أو الزواج المسيحي وتتعدد طرق إنهاء العلاقة الزوجية من خلع وتطليق للضرر أو للشقاق أو حتى طلاق برغبة الزوج كما في الطلاق الإسلامي أو تطليق لعلة الزنا كما في التطليق المسيحي .

ولكن ليس فقط الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية هي ما يثير الإشكاليات القانونية في مصر.

بل الزواج نفسه أو بدء وإنشاء الزواج وتحديدا توثيقه يثير كثيرا من الإشكاليات القانونية في مصر.

فالزواج هو علاقة بين رجل وامرأة يحميها القانون بهدف إقامة علاقة زوجية ليس في كل الأحوال يتم إنشاؤه بسهولة وقد يثير قولي هذا بعض الاستغراب ولكن هذه الدراسة هي نتيجة خبرة طويلة في الأحوال الشخصية وخصوصا في مشاكل توثيق الزواج.

فالعلاقة الزوجية تقوم على أساس من طرفين رجل وامرأة لابد أن يكونوا في مراكز قانونية تسمح لهم بالزواج من بعضهم

فمثلا لابد للرجل أن لا يكون متزوج من أربعة زوجات كما في الشريعة الإسلامية أو لا يكون متزوج ألبته كما في الشريعة المسيحية

وكذلك الزوجة يجب أن تكون خالية من موانع الزوجية كأن لا تكون متزوجة أو معتدة من أخر ولا يكون بينها وبين الرجل الذي ستتزوجه قرابة سواء بالنسب أو الرضاع مانعة من الزواج وأنا في بحثي هذا لن أتعرض للشروط الشرعية لصحة الزواج فكتب الفقه الإسلامي والقانوني معنية بها ولكني سأتعرض إلى جانب أخر منفصل تماما ولم يشير إليه احد قبلي إلا القليل إلا وهو جانب توثيق الزواج

فحالات الزواج في مصر لن تخرج عن الافتراضات الآتية

1.رجل مصري مسلم مع امرأة مصرية مسلمة

2.رجل مصري مسيحي مع امرأة مصرية مسيحية متحدة معه في المذهب

3.رجل مصري مسيحي مع امرأة مصرية مسيحية غير متحدة معه في المذهب

4.رجل مصري مسلم مع امرأة مصرية مسيحية

5.رجل مصري مسيحي مع امرأة مصرية مسلمة

6.رجل مسلم مصري مع امرأة غير مصرية مسلمة

7.رجل مسلم مصري مع امرأة غير مصرية غير مسلمة

8.رجل مصري مسيحي مع امرأة غير مصرية مسلمة

9.رجل مصري مسيحي مع امرأة غير مصرية غير مسلمة

10.رجل مسلم غير مصري مع امرأة مصرية مسلمة

11.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة مصرية غير مسلمة

12.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة مصرية مسلمة

13.رجل مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية مسلمة متحدة معه في الجنسية

14.رجل مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية مسلمة غير متحدة معه في الجنسية

15.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية غير مسلمة متحدة معه في الجنسية

16.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية غير مسلمة غير متحدة معه في الجنسية

الخلاصة انه يمكن اختصار كل هذه الحالات في أربعة حالات فقط

الأولى زواج المصريين المسلمين

الثانية زواج المصريين الغير مسلمين

الثالثة زواج المصريين غير متحدي الديانة

الرابعة زواج غير المصريين

فالقانون جعل المأذون هو الشخص المسئول عن توثيق زواج المصريين المسلمين

كما جعل الموثق المنتدب هو الشخص المختص بإبرام زواج المصريين غير المسلمين المتحدي الديانة

وجعل مكاتب التوثيق هي الجهة المختصة بتوثيق زواج غير المصريين أو المصريين مختلفي الديانة وكذلك في كون احد طرفي الزواج غير مصري.

وبالطبع في حالة الأزواج المصريين المسلمين فيكون الشخص الذي يقوم بدور الموثق هو المأذون وتقريبا هذه الحالة من الزواج لا تثير أي إشكالية إلا فيما ندر.

وكذلك حالة الأزواج المصريين غير المسلمين المتحدين المذهب والطائفة فيتم زواجهم في الكنيسة أخذا بالشكل الديني الذي يعقد بمعرفة الكنيسة لاعتبار الزواج سر كنسي مقدس وكذلك يتم توثيق الزواج لدى الموثق المنتدب والذي في الغالب ما يكون احد رجال الدين المسيحي نفسه وان كان في هذه الحالة يوثق الزواج ليس بصفته رجل دين ولكن بصفته موظف عام تابع للدولة .

أما حالة زواج المصريين مختلفي الديانة وهنا لن نخرج عن فرضيتين

الأولى وهو أن الزوج مسلم والزوجة مسيحية وفي هذه الحالة فأن الجهة المختصة تكون هي مكتب التوثيق المختص بالزواج إلى هنا فالأمر يبدوا طبيعيا ولكن مهلا قليلا فالعقبة الحقيقية ستظهر في الشهادة التي يطلبها مكتب التوثيق وهي شهادة يجب أن تحضرها المرأة الراغبة في الزواج من البطريركية التابعة لها الزوجة

وهذه الشهادة المفترض أنها تفيد صلاحية الزوجة للزواج وعدم ممانعة الجهة الدينية التابعة لها الزوجة للزواج

وبالطبع لن توافق البطريركية على ذلك وبالتالي يعتبر هذا الشرط من الشروط التي تثير إشكالية ربما تمنع من توثيق هذا الزواج من طريق هذا المكتب

أما بالنسبة للفرضية الأخرى وهو كون الزوجة مصرية مسلمة والزوج مصري غير مسلم فهنا المكتب يمتنع من البدء عن توثيق مثل هذا الزواج على أساس انه مخالف للنظام العام في مصر وهنا لا يعتبر توثيق الزواج هو ما يثير الإشكالية بل أن الزواج في ذاته هو المشكلة

أما بالنسبة لحالة اختلاف الجنسية مع اتحاد الدين

فنبدأ بفرضية كون الزوج مسلم غير مصري والزوجة مصرية مسلمة

فهنا الجهة المختصة قانونا هو مكتب التوثيق

ولكن القانون هنا وضع شروطا خاصة بتوثيق هذه الزيجة تجعل توثيق هذا الزواج عن طريق المكتب في حكم النادر

وهذه الشروط هي

1-حضور الأجنبي بنفسه عند إجراء توثيق الزواج

2-إلا يجاوز فرق السن 25 سنة بين الزوج الأجنبي والزوجة المصرية

3-بالنسبة للزوج المصري أو الزوجة المصرية: إلا يقل سن الزواج عن 18 سنة هجرية للزوج و 16 هجرية للزوجة

4-إذا كانت الزوجة المصرية اقل من 21 سنة فيجب موافقة ولي الأمر

5-وجود شاهدين مصرين بالغين عاقلين ويمكن أن يكون الشاهد أجنبي ولكن مع توافر شروط خاصة

6-إقرار بالخلو من أي مانع قانوني يمنع الزواج سواء صلة قرابة أو صغر سن أو الارتباط بزواج يمنع إتمام الزوجية الجديدة

7-تقديم شهادة من الطرف الأجنبي الراغب في الزواج من سفارته بحالته الاجتماعية وسنه وديانته

8-تقديم شهادة أخرى من الطرف الأجنبي الراغب في الزواج من سفارته تفيد عدم ممانعة دولته في زواجه ” وهذا الشرط أحيانا كثيرة يكون في حكم المستحيل تنفيذه فبعض السفارات تمتنع تماما عن إعطاء هذه الشهادة “

9-في حالة سبق زواج احد الطرفين وانتهى تطليقا أو بطلانا أو فسخا أو خلعا يجب تقديم الحكم النهائي المثبت لذلك مع أن تكون مصدقة من الخارجية المصرية إذا كان هذا الطرف أجنبي

10-الطرف الأرمل يقدم شهادة وفاة الزوج السابق مع توثيقها من وزارة الخارجية إذا كان أجنبي

11-تقديم شهادة الميلاد الرسمية لكل من طرفي الزواج

أما الافتراض الثاني وهو كون الزوج مصريا والزوجة أجنبية

فهو يشترط أيضا إحضار شهادتين من السفارة التابعة لها الزوجة احدهما بحالة الزوجة الاجتماعية والأخرى بعدم ممانعة سفارتها في الزواج هذا بجان اشتراط أن تكون الزوجة مقيمة في مصر أكثر من ستة أشهر وذلك لبعض الجنسيات مثل الفيليبين هذا بجانب الشروط السابقة ماعدا شرط فرق السن بين الزوجين

أما الافتراض الثالث وهو كون كلا من الزوجين أجانب

فهي تقريبا ذات الشروط السابقة ماعدا الشرط الخاص بفرق السن بين الزوج والزوجة وبالطبع هي شروط تعجيزية تماما ويعرفها كل من جرب الحصول على شهادة بعدم المانعة على الزواج من السفارة الإماراتية أو السعودية وغيرها من السفارات التي تمتنع عن إعطاء مثل هذه الشهادة

ولأن المجتمع حينما يصطدم بقوانين تضعها الدولة وتكون هذه القوانين غير متوافقة ولا متوائمة مع احتياجات هذا المجتمع فأنه ينشأ قانونه الخاص المتوائم معه ويستغنى تدريجيا عن الالتجاء إلى قوانين الدولة غير المتوائمة مع احتياجاته

فعندما تطلب الدولة شروطا تعجيزية وهي شروط ليست ذات أهمية أو أساسية في إثبات الزواج فأنها تفتح باب خلفي للانصراف عن توثيق الزواج كلية عن طريق المكتب الذي أنشأته لذلك

ولأن الزواج وهو في أساسه اختيار شخصي بحت فحينما يختار رجل وامرأة بعضهما البعض ويقررون الزواج لا يهمهما من مكتب التوثيق سوى إثبات زواجهم بطريقة رسمية بدون أن تكون لهذه الجهة أي دور أكثر من ذلك أي لايكون لها أي دور في الشروط المالية بينهما أو ولاية لهذا المكتب أو لأي جهة أخرى في الموافقة على الزواج من عدمه أي لا تطلب منهم شهادات بموافقة جهات تعتبر نفسها أوصياء على الأفراد مثل السفارات أو البطريركيات

ونتيجة لهذه الشروط المتعسفة

أصبح من يرغب في الزواج ويصطدم بشروط مكتب التوثيق يلجأ أما للزواج العرفي فقط أو للزواج العرفي ثم توثيقه أمام المحاكم سواء بدعوى صحة التوقيع أو بدعوى إثبات الزوجية

وبالتالي فسواء وافق مكتب التوثيق على إثبات الزواج أو لم يوافق فالزواج سيتم في كل الأحوال

وخصوصا أن القانون المصري اعتبر أحكام إثبات الزوجية الصادرة من المحاكم مساوية في قوتها لوثائق الزواج المحررة سواء بمعرفة المأذون أو الموثق المنتدب أو مكاتب التوثيق

وللحديث بقية عن دعوى إثبات الزوجية والإشكاليات الخاصة بها

نشرت لي هذه الدراسة بجريدة الأفوكاتو بتاريخ 1/9/2006

لانسمح مطلقا بأعادة النشر وسنلاحق قانونيا من يقوم بذلك

اشرف مشرف المحامي/ 00201118850506 / 00201004624392 /00201224321055 / ashrf_mshrf@hotmail.com /مصر / www.ashrfmshrf.com / ولله الأمر من قبل ومن بعد

By

توثيق الزواج في مصر ليس دائما في مكاتب التوثيق

توثيق الزواج في مصر ليس دائما في مكاتب التوثيق

بقلم

اشرف مشرف المحامي

من المتعارف عليه أن الطلاق وهو في جوهره إنهاء للعلاقة الزوجية يثير الكثير من الإشكاليات سواء في الزواج الإسلامي أو الزواج المسيحي وتتعدد طرق إنهاء العلاقة الزوجية من خلع وتطليق للضرر أو للشقاق أو حتى طلاق برغبة الزوج كما في الطلاق الإسلامي أو تطليق لعلة الزنا كما في التطليق المسيحي .

ولكن ليس فقط الطلاق وإنهاء العلاقة الزوجية هي ما يثير الإشكاليات القانونية في مصر.

بل الزواج نفسه أو بدء وإنشاء الزواج وتحديدا توثيقه يثير كثيرا من الإشكاليات القانونية في مصر.

فالزواج هو علاقة بين رجل وامرأة يحميها القانون بهدف إقامة علاقة زوجية ليس في كل الأحوال يتم إنشاؤه بسهولة وقد يثير قولي هذا بعض الاستغراب ولكن هذه الدراسة هي نتيجة خبرة طويلة في الأحوال الشخصية وخصوصا في مشاكل توثيق الزواج.

فالعلاقة الزوجية تقوم على أساس من طرفين رجل وامرأة لابد أن يكونوا في مراكز قانونية تسمح لهم بالزواج من بعضهم

فمثلا لابد للرجل أن لا يكون متزوج من أربعة زوجات كما في الشريعة الإسلامية أو لا يكون متزوج ألبته كما في الشريعة المسيحية

وكذلك الزوجة يجب أن تكون خالية من موانع الزوجية كأن لا تكون متزوجة أو معتدة من أخر ولا يكون بينها وبين الرجل الذي ستتزوجه قرابة سواء بالنسب أو الرضاع مانعة من الزواج وأنا في بحثي هذا لن أتعرض للشروط الشرعية لصحة الزواج فكتب الفقه الإسلامي والقانوني معنية بها ولكني سأتعرض إلى جانب أخر منفصل تماما ولم يشير إليه احد قبلي إلا القليل إلا وهو جانب توثيق الزواج

فحالات الزواج في مصر لن تخرج عن الافتراضات الآتية

1.رجل مصري مسلم مع امرأة مصرية مسلمة

2.رجل مصري مسيحي مع امرأة مصرية مسيحية متحدة معه في المذهب

3.رجل مصري مسيحي مع امرأة مصرية مسيحية غير متحدة معه في المذهب

4.رجل مصري مسلم مع امرأة مصرية مسيحية

5.رجل مصري مسيحي مع امرأة مصرية مسلمة

6.رجل مسلم مصري مع امرأة غير مصرية مسلمة

7.رجل مسلم مصري مع امرأة غير مصرية غير مسلمة

8.رجل مصري مسيحي مع امرأة غير مصرية مسلمة

9.رجل مصري مسيحي مع امرأة غير مصرية غير مسلمة

10.رجل مسلم غير مصري مع امرأة مصرية مسلمة

11.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة مصرية غير مسلمة

12.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة مصرية مسلمة

13.رجل مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية مسلمة متحدة معه في الجنسية

14.رجل مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية مسلمة غير متحدة معه في الجنسية

15.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية غير مسلمة متحدة معه في الجنسية

16.رجل غير مسلم غير مصري مع امرأة غير مصرية غير مسلمة غير متحدة معه في الجنسية

الخلاصة انه يمكن اختصار كل هذه الحالات في أربعة حالات فقط

الأولى زواج المصريين المسلمين

الثانية زواج المصريين الغير مسلمين

الثالثة زواج المصريين غير متحدي الديانة

الرابعة زواج غير المصريين

فالقانون جعل المأذون هو الشخص المسئول عن توثيق زواج المصريين المسلمين

كما جعل الموثق المنتدب هو الشخص المختص بإبرام زواج المصريين غير المسلمين المتحدي الديانة

وجعل مكاتب التوثيق هي الجهة المختصة بتوثيق زواج غير المصريين أو المصريين مختلفي الديانة وكذلك في كون احد طرفي الزواج غير مصري.

وبالطبع في حالة الأزواج المصريين المسلمين فيكون الشخص الذي يقوم بدور الموثق هو المأذون وتقريبا هذه الحالة من الزواج لا تثير أي إشكالية إلا فيما ندر.

وكذلك حالة الأزواج المصريين غير المسلمين المتحدين المذهب والطائفة فيتم زواجهم في الكنيسة أخذا بالشكل الديني الذي يعقد بمعرفة الكنيسة لاعتبار الزواج سر كنسي مقدس وكذلك يتم توثيق الزواج لدى الموثق المنتدب والذي في الغالب ما يكون احد رجال الدين المسيحي نفسه وان كان في هذه الحالة يوثق الزواج ليس بصفته رجل دين ولكن بصفته موظف عام تابع للدولة .

أما حالة زواج المصريين مختلفي الديانة وهنا لن نخرج عن فرضيتين

الأولى وهو أن الزوج مسلم والزوجة مسيحية وفي هذه الحالة فأن الجهة المختصة تكون هي مكتب التوثيق المختص بالزواج إلى هنا فالأمر يبدوا طبيعيا ولكن مهلا قليلا فالعقبة الحقيقية ستظهر في الشهادة التي يطلبها مكتب التوثيق وهي شهادة يجب أن تحضرها المرأة الراغبة في الزواج من البطريركية التابعة لها الزوجة

وهذه الشهادة المفترض أنها تفيد صلاحية الزوجة للزواج وعدم ممانعة الجهة الدينية التابعة لها الزوجة للزواج

وبالطبع لن توافق البطريركية على ذلك وبالتالي يعتبر هذا الشرط من الشروط التي تثير إشكالية ربما تمنع من توثيق هذا الزواج من طريق هذا المكتب

أما بالنسبة للفرضية الأخرى وهو كون الزوجة مصرية مسلمة والزوج مصري غير مسلم فهنا المكتب يمتنع من البدء عن توثيق مثل هذا الزواج على أساس انه مخالف للنظام العام في مصر وهنا لا يعتبر توثيق الزواج هو ما يثير الإشكالية بل أن الزواج في ذاته هو المشكلة

أما بالنسبة لحالة اختلاف الجنسية مع اتحاد الدين

فنبدأ بفرضية كون الزوج مسلم غير مصري والزوجة مصرية مسلمة

فهنا الجهة المختصة قانونا هو مكتب التوثيق

ولكن القانون هنا وضع شروطا خاصة بتوثيق هذه الزيجة تجعل توثيق هذا الزواج عن طريق المكتب في حكم النادر

وهذه الشروط هي

1-حضور الأجنبي بنفسه عند إجراء توثيق الزواج

2-إلا يجاوز فرق السن 25 سنة بين الزوج الأجنبي والزوجة المصرية

3-بالنسبة للزوج المصري أو الزوجة المصرية: إلا يقل سن الزواج عن 18 سنة هجرية للزوج و 16 هجرية للزوجة

4-إذا كانت الزوجة المصرية اقل من 21 سنة فيجب موافقة ولي الأمر

5-وجود شاهدين مصرين بالغين عاقلين ويمكن أن يكون الشاهد أجنبي ولكن مع توافر شروط خاصة

6-إقرار بالخلو من أي مانع قانوني يمنع الزواج سواء صلة قرابة أو صغر سن أو الارتباط بزواج يمنع إتمام الزوجية الجديدة

7-تقديم شهادة من الطرف الأجنبي الراغب في الزواج من سفارته بحالته الاجتماعية وسنه وديانته

8-تقديم شهادة أخرى من الطرف الأجنبي الراغب في الزواج من سفارته تفيد عدم ممانعة دولته في زواجه ” وهذا الشرط أحيانا كثيرة يكون في حكم المستحيل تنفيذه فبعض السفارات تمتنع تماما عن إعطاء هذه الشهادة “

9-في حالة سبق زواج احد الطرفين وانتهى تطليقا أو بطلانا أو فسخا أو خلعا يجب تقديم الحكم النهائي المثبت لذلك مع أن تكون مصدقة من الخارجية المصرية إذا كان هذا الطرف أجنبي

10-الطرف الأرمل يقدم شهادة وفاة الزوج السابق مع توثيقها من وزارة الخارجية إذا كان أجنبي

11-تقديم شهادة الميلاد الرسمية لكل من طرفي الزواج

أما الافتراض الثاني وهو كون الزوج مصريا والزوجة أجنبية

فهو يشترط أيضا إحضار شهادتين من السفارة التابعة لها الزوجة احدهما بحالة الزوجة الاجتماعية والأخرى بعدم ممانعة سفارتها في الزواج هذا بجان اشتراط أن تكون الزوجة مقيمة في مصر أكثر من ستة أشهر وذلك لبعض الجنسيات مثل الفيليبين هذا بجانب الشروط السابقة ماعدا شرط فرق السن بين الزوجين

أما الافتراض الثالث وهو كون كلا من الزوجين أجانب

فهي تقريبا ذات الشروط السابقة ماعدا الشرط الخاص بفرق السن بين الزوج والزوجة وبالطبع هي شروط تعجيزية تماما ويعرفها كل من جرب الحصول على شهادة بعدم المانعة على الزواج من السفارة الإماراتية أو السعودية وغيرها من السفارات التي تمتنع عن إعطاء مثل هذه الشهادة

ولأن المجتمع حينما يصطدم بقوانين تضعها الدولة وتكون هذه القوانين غير متوافقة ولا متوائمة مع احتياجات هذا المجتمع فأنه ينشأ قانونه الخاص المتوائم معه ويستغنى تدريجيا عن الالتجاء إلى قوانين الدولة غير المتوائمة مع احتياجاته

فعندما تطلب الدولة شروطا تعجيزية وهي شروط ليست ذات أهمية أو أساسية في إثبات الزواج فأنها تفتح باب خلفي للانصراف عن توثيق الزواج كلية عن طريق المكتب الذي أنشأته لذلك

ولأن الزواج وهو في أساسه اختيار شخصي بحت فحينما يختار رجل وامرأة بعضهما البعض ويقررون الزواج لا يهمهما من مكتب التوثيق سوى إثبات زواجهم بطريقة رسمية بدون أن تكون لهذه الجهة أي دور أكثر من ذلك أي لايكون لها أي دور في الشروط المالية بينهما أو ولاية لهذا المكتب أو لأي جهة أخرى في الموافقة على الزواج من عدمه أي لا تطلب منهم شهادات بموافقة جهات تعتبر نفسها أوصياء على الأفراد مثل السفارات أو البطريركيات

ونتيجة لهذه الشروط المتعسفة

أصبح من يرغب في الزواج ويصطدم بشروط مكتب التوثيق يلجأ أما للزواج العرفي فقط أو للزواج العرفي ثم توثيقه أمام المحاكم سواء بدعوى صحة التوقيع أو بدعوى إثبات الزوجية

وبالتالي فسواء وافق مكتب التوثيق على إثبات الزواج أو لم يوافق فالزواج سيتم في كل الأحوال

وخصوصا أن القانون المصري اعتبر أحكام إثبات الزوجية الصادرة من المحاكم مساوية في قوتها لوثائق الزواج المحررة سواء بمعرفة المأذون أو الموثق المنتدب أو مكاتب التوثيق

وللحديث بقية عن دعوى إثبات الزوجية والإشكاليات الخاصة بها

نشرت لي هذه الدراسة بجريدة الأفوكاتو بتاريخ 1/9/2006

يمنع اعادة نشر اي مقالة منشورة بالموقع الا بعد الحصول على موافقة كتابية مني وسنلاحق قانونيا من يعيد النشر بدون اذن

www.ashrfmshrf.com

00201224321055

ashrf_mshrf@hotmail.com

اشرف مشرف المحامي/ 00201118850506 / 00201004624392 /00201224321055 / ashrf_mshrf@hotmail.com /مصر / www.ashrfmshrf.com / ولله الأمر من قبل ومن بعد

By

مكتب تسوية المنازعات الأسرية بعد سنة من إنشائه ( أمال كثيرة وواقع مختلف )

مكتب تسوية المنازعات الأسرية بعد سنة من إنشائه ( أمال كثيرة وواقع مختلف )

بقلم

اشرف مشرف المحامي

. ينظر البعض إلى النزاعات الأسرية أنها مجرد خلاف بين رجل وامرأة تربطهم علاقة زواج وإنها لا تخص إلا أطرافها ولكن الحقيقة أن النزاعات الأسرية هي أكثر من ذلك بكثير

فالأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع ومؤسسة الأسرة كنظام قانوني واجتماعي يقوم في أساسه على رجل وامرأة تربطهم علاقة زواج هي الأساس الأول لاستقرار أي مجتمع وبالتالي فأي دمار يلحق بمؤسسة الأسرة هو في حقيقته دمار للمجتمع

وإذا كان المجتمع مكون من ملايين الأسر فأنه كلما ذاد عدد الأسر المنهارة في المجتمع كلما كان ذلك مؤشرا على انهيار بنيان هذا المجتمع وكلما ذاد تماسك الأسر المتماسكة كلما ذاد درجة ترابط المجتمع وتماسكه

كما أن الأسرة مازالت هي المؤسسة الأولى في مجال تربية الأطفال وهم جيل المستقبل فما زالت الأسرة المكونة من أب وأم هي أفضل مؤسسة لتربية وإنشاء جيل جديد

فكل المؤسسات البديلة أثبتت فشلها التام سواء في مصر أو في أي بلد أخر

فالأسرة المكونة من أم فقط أو من أب فقط أو من أم بديلة أو من مراكز الرعاية كملاجئ الأيتام أثبتت فشلها التام في رعاية أو إنشاء أطفال بدون مشاكل نفسية إلا من بعض الأستثنائات

ولذلك كان لابد من تدخل الدولة بإنشاء مؤسسات تساعد على حل مشاكل الأسرة وتمنع انهيارها

وكانت الدولة قبل إصدار قانون الأسرة رقم 10 لسنة 2004

تاركة للمحاكم مسئولية حل النزاعات بين أفراد الأسرة وكان هذا يعني في الواقع أن أصبحت مسئولية لم شمل الأسرة تقع على أفراد النزاع أنفسهم لأن المحاكم لم تكن أبدا المكان المناسب لحل نزاع اسري بل ربما كانت المكان المناسب للقضاء على الأسرة وليس لم شملها

ولكن بعد إصدار قانون الأسرة واستحداث مكاتب تسوية المنازعات الأسرية انشأ لأول مرة جهاز يساعد على حل المشاكل الأسرية من خلال  مساعدة أطراف النزاع على التصالح ولم شمل الأسرة

والآن بعد مرور أكثر من سنة على صدور القانون رقم 10 لسنة 2004المسمى بقانون محكمة الأسرة نحاول في هذه الدراسة أن نصل إلى هل هذا القانون قد وصل إلى النتيجة المرجوة من إصداره أم لا ؟

فالهدف من إصدار هذا القانون كان :

أولا: حل النزاعات الأسرية ولم شمل الأسرة المصرية

 ثانيا : تخفيف العبء  الواقع على المحاكم المصرية

     ثالثا: الحفاظ على نفسية الأطفال الصغار التي تتعرض للتدمير النفسي نتيجة جو المحاكم التي تتعرض له بسبب اصطحاب الأم لهم أثناء وجودها في المحكمة

وبالنظر إلى أهم ملامح القانون نجد الأتي :

1.     النص على إنشاء مقر جديد لمحكمة الأسرة يكون في مكان مختلف عن المكان الذي توجد به المحاكم العادية

2.     ضم عضوين إلى هيئة المحكمة هما الخبيرين الاجتماعي والنفسي يكون احدهما من النساء

3.     تشكيل المحكمة كمحكمة ابتدائية وتكون مشكلة من ثلاثة أعضاء وهذا بالطبع يفيد في جعل المحكمة مشكلة من عناصر أكثر خبرة

4.     إلغاء درجة الطعن بالنقض وقصرها على النائب العام فقط وذلك بهدف استقرار الأحكام وسرعة الفصل في النزاع.

5.     إنشاء مكتب تسوية المنازعات وهذا الملمح بالذات يعتبر أهم ما جاء به القانون

وسأركز في بحثي هذا على هذا الملمح لأنه وكما سيتبين هو العامل الأساسي لنجاح أو فشل المراد من هذا القانون فمكتب تسوية المنازعات الذي انشأ بالقانون رقم 10 لسنة 2004هو مكتب مشكل  من هيئة مكونة من عضو قانوني وعضو نفسي وعضو اجتماعي مهمته ا ن تقابل الخصوم للصلح بينهم في مدة لا تتجاوز 15 يوما وفي حالة الفشل في الصلح يتم إحالة النزاع إلى القضاء

وبالتالي فأن النجاح في المهمة سيؤدي إلى لم شمل الأسرة المصرية التي هي في الأساس الخلية الأولى في المجتمع وأما في حالة الفشل فسنكون قد أفسدنا المجتمع في خليته الأولى وكذلك ذدنا العبء على القضاة .

 أن فكرة إنشاء مكاتب التسوية هي فكرة عظيمة سبقتنا لها الكثير من دول العالم مثل سويسرا والنمسا ودول أخرى كثيرة.

ويحسب تطبيق هذه الفكرة للقيادة السياسية في مصر  والتي دعمت الفكرة وتبنتها على أعلى مستويات القيادة السياسية في مصر وتبنت قرينة رئيس الجمهورية بنفسها متابعة خروج الفكرة إلى حيز التنفيذ إلا أن العمل اثبت قصورا في التنفيذ وهذا القصور ربما لأن القيادات الوسيطة لم تستوعب الفلسفة الكامنة وراء فكرة إنشاء مكاتب التسوية مما أسفر عن بعض السلبيات التي يمكن معالجتها بسهولة

 وارى أن الأساس لنجاح أو فشل مكتب التسوية في نجاح مهمته يرجع في الأساس إلى العنصر البشري

فإذا نظرنا إلى العنصر البشري المكون لمكاتب التسوية نظرة تحليلية لوجدنا الأتي:

أولا : أن هؤلاء العناصر قد انتدبت من وزارة الشئون الاجتماعية وهذا الندب أدى للأتي :

1.     عدم مساواتهم ماديا بالموظفين من أقرانهم في وزارة العدل

2.     عدم إحساسهم بالاستقرار النفسي لخوفهم من إلغاء الانتداب في أي وقت

لذلك أرى أن يتم أمرين:

أولا : تثبيت هذه العناصر المنتدبة لتكون عناصر معينة على ذمة وزارة العدل وذلك لأنها اكتسبت خبرة بالعمل في مكتب التسوية

ثانيا: في حالة تعيين أي موظفين جدد يكونوا معينين من الأساس على كادر وزارة العدل وليس ندب من وزارات أخرى وخصوصا أن وزارة العدل بها الكثير جدا من الدرجات الوظيفية الشاغرة

وإذا نظرنا إلى صيغة عمل هذه المكاتب لوجدناها شبيهة جدا بمكاتب فض المنازعات الإدارية التي أنشأت بموجب القانون رقم7لسنة2000 والمشكلة من رجال القضاء السابقين ولو عرفنا أن أعضاء هذه اللجان من القضاة السابقين يتقاضون رواتب مثل رواتب القضاة فأن من العدالة أن يمنح أعضاء مكاتب تسوية المنازعات الأسرية نفس الرواتب لأن العبرة بتقاضي الراتب هو طبيعة العمل المؤدى لا بشخص من يعمل وخصوصا وان مكتب تسوية المنازعات أصبحت وكأنها درجة جديدة من درجات التقاضي أضيفت إلى قضاء الأحوال الشخصية

مع ميزة أنها بالفعل تقوم بالاحتكاك المباشر بأطراف النزاع الأسري وأنها لو قامت بعملها كما ينبغي فأنها ستقوم بحل النزاع تماما

وكذلك فأنه يجب ربط الحوافز بالعمل

أي انه تمنح حوافز للمكتب على كل حالة صلح يتم إجراؤها

لأنه من الطبيعي أن الصلح بين المتنازعين يأخذ مجهودا اكبر بكثير من إحالة النزاع إلى المحكمة فأنه في ظل القانون الحالي وعدم وجود حوافز تميز بين الصلح الذي تم فعلا وبين حالة عدم وجود صلح

ولذلك فأنه للنهوض بهذا العنصر البشري يجب

أولا / رفع رواتبهم ومساواتهم بالقضاة وخصوصا أن عملهم هذا له طبيعة قضائية

ثانيا / تثبيتهم على ذمة وزارة العدل وتعيين الجدد منهم على كادر وزارة العدل ابتداء

ثالثا / زيادة أعدادهم لأن القانون نص على أن تشكل اللجنة من عضو نفسي وعضو قانوني وعضو اجتماعي وفي الواقع الحالي أصبح كل عضو من أعضاء اللجنة يقوم بالعمل منفردا وذلك بسبب قلة عدد الأفراد

فيقوم عضو واحد بالعمل منفردا بينما يكتب باقي أسماء أعضاء اللجنة معه في محضر العمل

وبالتالي فأن اللجنة التي اشترط القانون عقدها لا تنعقد إلا على الورق فقط ولذلك فأن زيادة عدد العاملين سيكون سبب في انعقاد اللجان فعليا

رابعا / عمل دورات تدريبية للأفراد المكونين لهيئة عمل المكتب

خامسا / تزويد المكاتب بالأدوات المكتبية الحديثة وخصوصا أجهزة الكمبيوتر وربطها بشبكة واحدة على مستوى وزارة العدل

مما سيساهم في تسريع العمل وإظهار إحصائيات  بالعمل وإحصائيات بنسبة حالات الصلح المحققة  في الوزارة    

يمنع اعادة نشر اي مقالة منشورة بالموقع الا بعد الحصول على موافقة كتابية مني وسنلاحق قانونيا من يعيد النشر بدون اذن

 

اشرف مشرف المحامي/ 00201118850506 / 00201004624392 /00201224321055 / ashrf_mshrf@hotmail.com /مصر / www.ashrfmshrf.com / ولله الأمر من قبل ومن بعد

By

عدم دستورية المادة 109 من مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية الخاصة بسن حضانة الصغير

باسم  الشعب

المحكمة  الدستورية  العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 4 ابريل سنة 1998 الموافق 7 ذو الحجة 1418 ه.

برئاسة السيد المستشار الدكتور  عوض محمد عوض المر                      رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين:  الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على وسامى فرج يوسف.

وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى                             رئيس هيئة المفوضين 

وحضور السيد / حمدى أنور صابر                                       أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 81 لسنة  18 قضائية “دستورية”

المقامة من

السيدة / لوسى أرتين أفيديسيان

ضد

1 – السيد / رئيس الجمهورية   

2 – السيد / رئيس مجلس الوزراء

3 – السيد / رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب

4 – السيد / بطريرك الأرمن الأثوذكس بالقاهرة 

5 – السيد / رفانت هواجيم أرتين سيركاجيان

6 – السيدة / أراكس تروس بورتالتيان

الإجراءات

بتاريخ 20 يوليو سنة 1996، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم بعدم دستورية المادتين 107، 109 من مجموعة الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى، واحتياطيا بتفويض  الرأى  للمحكمة الدستورية العليا بما تراه متفقا وأحكام الدستور.

وقدم المدعى عليهما الخامس والسادسة، مذكرة طلبا فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليهما الخامس والسادسة، كانا قد أقاما ضد المدعية دعواهما رقم 107 لسنة 1993 التى طلبا فيها الحكم بسلب حضانتها لابنتيها ناتالى وميلانى، وتسليمهما للمدعى عليها السادسة – جدتهما – لتتولى شئون حضانتهما تحت إشراف والدهما، المدعى عليه الخامس • وقد قررت محكمة مصر الجديدة الجزئية للأحوال الشخصية إحالة الدعوى إلى محكمة الزيتون الجزئية للأحوال الشخصية حيث قيدت برقم 1105 لسنة 1994 جزئى أحوال شخصية ملى الزيتون، وفيها قضت هذه المحكمة حضوريا بضم الطفلة ناتالى إلى جدتها لأبيها، فأستانفت المدعية هذا الحكم، وقيد استئنافها برقم 919 لسنة 1995،  ثم دفعت أثناء نظره بعدم دستورية المادتين 107 و 109 من مجموعة الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثوذكس • وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعية باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقامت الدعوى الماثلة.

وحيث إن المادتين 107 و 109 من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس، تجريان على النحو الآتى :

مادة 107 :

عند حصول طلاق وعند انقضاء السن المحددة فى المادة (109) يعهد بالسلطة الأبوية إلى الزوج الذى حصل على حكم الطلاق إلا إذا رأت المحكمة من الأنفع للأولاد أن تأمر – من تلقاء نفسها أو بناء على طلب العائلة أو الرئيس الدينى – أن يعهد بهم جميعا أو بعضهم إلى الزوج الآخر • أو إلى أحد الأقرباء أو إلى شخص أجنبى.

مادة 109 :

تحضن الأم ولدها أثناء الزواج وبعد فسخه إلى أن يبلغ السابعة إذا كان ذكرا، وإلى التاسعة إذا كان أنثى • وللمحكمة أن ترفع سن الحضانة إلى التاسعة بالنسبة للذكر، وإلى الحادية عشرة بالنسبة للأنثى.

وحيث إن المدعية تنعى على المادتين 107 و 109 المشار إليهما، مخالفتهما لنص المادتين 10 و 40 من الدستور تأسيسا على أن الحضانة احتياج طبيعى واجتماعى وإنسانى لاتوفره للصغير غير أمه بحنانها الطبيعى، وبفطرتها التى تدنيها من الصغير، وتجعلها أرفق به من غيره • ولايجوز التمييز فيها – وبالنظر إلى طبيعتها وانتفاء اتصالها بالعقيدة فى جوهر أحكامها – بين الصغار تبعا لديانتهم، وعلى الأخص فى مجال علاقة  الأم بصغيرتها التى تكون أحوج إلى أمها بعد البلوغ الطبيعى لتبسط عليها رعايتها حتى الثانية عشرة من عمرها، مع جواز بقائها فى كنفها حتى تتزوج، فلا تكون أمها إلاعونا لها على طرائق الحياة، ومواجهة مشكلاتها، بما يهون  عليها ماشق من أمرها.

وحيث إن البين من النصوص التى نظمت بها مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية، شئون السلطة الأبوية والحضانة، أنهما أمران مختلفان، فلايعهد بالسلطة   الأبوية على الولد إلا لأبيه يمارسها مباشرة عليه إلى أن يبلغ سن الرشد، إلا إذا استحال عليه من الناحية القانونية أو الفعلية مباشرتها، فإنها تنتقل عندئذ إلى الأم بقوة القانون            [المادتين 103 و 105 من هذه المجموعة ] والأصل – وعملا بنص المادة 107 المطعون عليها – أن يعهد بالسلطة الأبوية – عند حصول طلاق وانقضاء سن الحضانة التى حددتها المادة 109 – إلى الزوج الذى حصل على حكم به، إلا إذا رأت المحكمة أن من الأنفع للأولاد أن تأمر – من تلقاء نفسها أو بناء على طلب العائلة أو الرئيس الدينى – أن يعهد بهم جميعا أو بعضهم إلى الزوج الآخر أو إلى أحد الأقرباء أو إلى شخص أجنبى.

وحيث إن ذلك مؤداه أن المادة 107 المطعون عليها لاصلة لها بالسن التى حددتها مجموعة الأرمن الأرثوذكس لانتهاء الحضانة، ولا بالمقاييس التى ضبطتها بها، ولكنها تتصل بتنظيم السلطة الأبوية فى بعض جوانبها، ليُتِمَّ بها الأولياء فى شأن الصغار أعمالا بدأتها حاضنتهم من النساء، حتى يصير الصغير مهيأ للحياة، متصلا بأسبابها.

وحيث إن دفاع المدعية فى النزاع الموضوعى، يتوخى إبقاء حضانتها لابنتيها من زوجها إلى سن الحضانة المقرر لكل صغير مسلم ؛ وكان نص المادة 109 المطعون عليها، يحول بذاته دون إجابتها إلى طلبها، فإن مصلحتها الشخصية والمباشرة تتوافر بالحكم ببطلان هذا النص.

ولاينال من مصلحتها هذه، قالة أن المدعية غير أمينة على ابنتيها هاتين، ذلك أن النزاع حول أحقيتها فى حضانتهما، وأهليتها بالتالى لموالاة شئونهما، قد ينتهى لصالحها، فإذا ماقضى  ببطلان  نص المادة 109 المطعون عليها، زال كل أثر لها، فلاتكون سن حضانتها لابنتيها محددة وفق نظم الأحوال الشخصية السارية فى شأن الأرمن الأرثوذكس، بل على ضوء القواعد التى فصلتها الفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، فى شأن حضانة الصغير المسلم.

وحيث إن ماينعاه المدعى عليهما من أن أحكام الدستور القائم لايجوز تطبيقها فى شأن النص المطعون فيه، لصدوره قبل العمل بهذا الدستور، مردود، بأن الطبيعة الآمرة لقواعد الدستور، وعلوها على مادونها من القواعد القانونية، وضبطها للقيم التى ينبغى أن تقوم عليها الجماعة، والتى ترتبط بها الأسرة كذلك بوصفها قاعدة بنيانها ومدخل تكوينها، تقتضى إخضاع القواعد القانونية جميعها – وأيا كان تاريخ العمل بها – لأحكام الدستور، لضمان اتساقها والمفاهيم  التى أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد – فى مضامينها – بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس  الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم  كشرط لمشروعيتها الدستورية.

وحيث إن تحديد مايدخل فى نطاق مسائل الأحوال الشخصية – وفى مجال التمييز بينها وبين الأحوال العينية – وإن ظل أمرا مختلفاً عليه، إلا أن عقد الزواج والطلاق وآثارهما يندرجان تحتها، لتدخل حضانة صغار المطلق من زوجته فى نطاق هذه المسائل، فتحكمها قواعدها.

وحيث إن المجالس الملية هى التى كان لها اختصاص الفصل فى مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين ؛ وكان تطبيقها لشرائعهم الدينية مقارنا لاختصاصها بالفصل فى نزاعاتهم المتصلة بأحوالهم الشخصية، فلا يكون قانونها الموضوعى الا قانونا دينياً• وظل هذا الاختصاص ثابتاً لهذه المجالس إلى أن صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية، فقد قضى هذا القانون فى مادته الأولى بأن تلغى المحاكم الشرعية والملية ابتداء من 1/1/1956، على أن تحال الدعاوى التى كانت منظورة أمامها حتى 31/12/1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار نظرها وفقاً لأحكام قانون المرافعات.

ولئن وحد هذا القانون بذلك جهة القضاء التى عهد إليها بالفصل فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم، فحصرها – وأيا كانت ديانتهم – فى جهة القضاء الوطنى، إلا أن القواعد الموضوعية التى ينبغى تطبيقها على منازعاتهم فى شئون أحوالهم الشخصية، لاتزال غير موحدة،رغم تشتتها وبعثرتها بين مظان وجودها وغموض بعضها أحياناً • ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 6 من هذا القانون، تقضى بأن تصدر الأحكام فى منازعات الأحوال الشخصية التى كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر بنص المادة 280 من لائحة ترتيبها • وتنص فقرتها الثانية على أنه فيما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين، الذين تتحد طائفتهم وملتهم، وتكون لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون، فإن الفصل فيها يتم – فى نطاق النظام العام – طبقاً لشريعتهم.

وحيث إن ماتقدم مؤداه، أنه فيما عدا الدائرة المحدودة التى وحد المشرع فى نطاقها القواعد الموضوعية فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم – كتلك التى تتعلق بمواريثهم ووصاياهم وأهليتهم – فإن المصريين غير المسلمين لايحتكمون لغير شرائعهم الدينية بالشروط التى حددها القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه • بل إن المادة 7 من هذا القانون تنص على أن تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى، لايؤثر فى تطبيق الفقرة الثانية من المادة 6من هذا القانون، مالم يكن التغيير إلى الإسلام.

وحيث إن المشرع وقد أحال فى شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين – وفى إطار القواعد الموضوعية التى تنظمها – إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها فى كل مايتصل بها، فإن المشرع يكون قد ارتقى بالقواعد التى تتضمنها هذه الشرائع، إلى مرتبة القواعد القانونية التى ينضبط بها المخاطبون بأحكامها، فلايحيدون عنها فى مختلف مظاهر سلوكهم  • ويندرج تحتها – وفى نطاق الأحوال الشخصية للأرمن  الأرثوذكس – لائحتهم  المعتمدة فى 1946، إذ تعتبر القواعد التى احتوتها – وعلى ماتنص عليه الفقرة الثانية من المادة 6من القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار  اليه – شريعتهم التى تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية، بما مؤداه خضوعها للرقابة الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة • وحيث إن الحضانة – فى أصل شرعتها – هى ولاية للتربية غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه فى الفترة الأولى من حياته • والأصل فيها هو مصلحة الصغير، وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة – التى لها الحق فى تربيته – إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه، وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها – وهى أشفق عليه وأوثق اتصالا به، وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبراً – مظلمة للصغير إبان الفترة الدقيقة التى لايستقل فيها بأموره، والتى لايجوز خلالها أن يعهد به إلى غير مؤتمن، يأكل من   نفقته، ويطعمه نزراً، أو ينظر إليه شزرا.

ولاتقيم الشريعة الإسلامية – فى مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها – ولا شريعة غير المسلمين من الأرمن  الأرثوذكس – التى حدد الإنجيل المقدس ملامحها الرئيسية – لسن الحضانة تخوماً لايجوز تجاوزها، انطلاقا من أن تربية الصغير مسألة لها خطرها، وأن تطرق الخلل إليها – ولو فى بعض جوانبها – مدعاة لضياع الولد، ومن ثم تعين أن يتحدد مداها بما يكون كافلا لمصلحته، وأدعى لدفع المضرة عنه، وعلى تقدير أن مدار الحضانة على نفع المحضون، وأن رعايته مقدمة على أية مصلحة لغيره، حتى عند من يقولون بأن الحضانة لاتتمحض عن حق للصغير، وإنما يتداخل فيها حق من ترعاه ويعهد إليها بأمره.

وحيث إن الدستور – وفى إطار المقومات الأساسية للمجتمع التى تنتظم المصريين جميعا، فلا يتوجهون لغيرها أو ينعزلون عنها – قد أورد أحكاما رئيسية ترعى الأسرة المصرية – سواء فى خصائصها، أو على صعيد الأفراد الذين يكونونها – هى تلك التى فصلتها المواد 9 و10 و 11 و 12 من الدستور • وقد دل بها على أن الحق فى تكوين الأسرة لاينفصل عن الحق فى صونها على امتداد مراحل بقائها، لتأمينها مما يخل بوحدتها، أو يؤثر سلبا فى ترابطها، أو فى القيم والتقاليد التى تنصهر فيها، بل يزكيها كافلا لبنيها تراحما أوثق، ولأطفالها إشرابهم  مبا دءها، ومعاونتهم على صون أعراضهم وعقولهم وأموالهم وأبدانهم وعقيدتهم مما ينال  منها أو يقوضها، وكذلك اختيار أنماط من الحياة يتعايشون معها، فلا تتفرق الأسرة التى تضمهم – وهى بنيان مجتمعهم – ولا تتنصل من واجباتها قبلهم، بل تتحمل مسئوليتها عنهم صحيا وتعليميا وتربويا.

بل إن الأسرة فى توجهاتها لاتعمل بعيداً عن الدين ولا عن الأخلاق أو الوطنية، ولكنها تنميها – وعلى ضوء أعمق مستوياتها وأجلها شأنا – من خلال روافد لاانقطاع لجريانها، يتصدرها إرساء أمومتها وطفولتها بما يحفظها ويرعاها، والتوفيق بين عمل المرأة فى مجتمعها وواجباتها فى نطاق أسرتها، وبمراعاة طابعها الأصيل بوصفها الوحدة الأولى التى تصون لمجتمعها تلك القيم والتقاليد التى ىؤمن بها، تثبيتا لها وتمكينا منها.

وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكانت الأسرة المصرية لا يصلحها اختيار سن للحضانة لايكون محدداً وفقا لتغير الزمان والمكان • ولايقيمها كذلك  انتزاع الصغير أو الصغيرة من حاضنته إعناتا أو ترويعا، أو إغفال الفروق الجوهرية بين المحضونين تبعا لذكورتهم  وأنوثتهم، وخصائص تكوينهم التى تتحدد على ضوئها درجة احتياجهم إلى من يقومون على تربيتهم وتقويمهم ووقايتهم مما يؤذيهم، وكذلك إعدادهم لحياة أفضل ينخرطون فيها بعد تهيئتهم لمسئوليتها ؛ وكان تعهد المحضون – صغيراً كان أم صغيرة – بما يحول دون الإضرار بهما، مؤداه أن يكون لحضانتهما سن تكفل الخير لهما فى إطار من الحق والعدل • وشرط ذلك اعتدالها، فلا يكون قِصَرها نافيا عن حضانتهم متطلباتها من الصون والتقويم وعلى الأخص من الناحيتين النفسية والعقلية ؛ ولا امتدادها مجاوزاً تلك الحدود التى تتوازن بها حضانتهم مع مصلحة أبيهم فى أن يباشر عليهم إشرافاً مباشراً ؛ بل تكون مدة حضانتهم بين هذين الأمرين قواما • وهو ما نحاه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 – بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985 – من أن حق حضانة النساء ينتهى ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة  اثنتى عشرة سنة • ويجوز للقاضى بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج فى يد الحاضنة – ودون أجر حضانة – إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك.

وحيث إن تحديد سن الحضانة على النحو المتقدم، وإن تعلق بالمسلمين من المصريين، إلا أن هذا التحديد أوثق اتصالا بمصلحة الصغير والصغيرة اللذين تضمهما أسرة واحدة وإن بعد  أبواها عن بعضهما البعض • ولايجوز فى مسألة لايتعلق فيها تحديد هذه السن بأصول العقيدة وجوهر أحكامها، أن يمايز المشرع فى مجال ضبطها بين المصريين تبعا لديانتهم، ذلك أن الأصل هو مساواتهم قانونا ضمانا لتكافؤ الحماية التى يكفلها الدستور أوالمشرع لجموعهم، سواء فى مجال الحقوق التى يتمتعون بها أو على صعيد واجباتهم • والصغير والصغيرة – فى شأن حضانتهما – يحتاجان معا لخدمة النساء وفقا لقواعد موحدة لاتمييز فيها • والأسرة الأرمنية  هى ذاتها الأسرة المسلمة، فيما خلا الأصول الكلية لعقيدة كل منهما، وتظلهم بالتالى القيم والتقاليد عينها • وإلى مجتمعهم يفيئون، فلا يكون تقيدهم بالأسس التى يقوم عليها – فى مقوماتها وخصائصها – إلا تعبيراً عن انتمائهم إلى هذا الوطن واندماجهم فيه، تربويا وخلقيا ودينيا • وماالدين الحق إلا رحمة للعالمين.

وكلما كفل المشرع لبعض أبناء الوطن الواحد حقوقا حجبها عن سواهم على غير أسس موضوعية، كان معمقا فى وجدانهم وعقولهم اعتقاداً أو شعوراً بأنهم أقل شأنا من غيرهم من المواطنين.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك، على أن الناس لايتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى ؛ ولا فى نطاق القواعد الموضوعية والإجرائية التى تحكم الخصومة عينها ؛ ولا فى فعالية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور للحقوق التى يطلبونها ؛ ولا فى اقتضائها وفق مقايس واحدة عند توافر شروط طلبها ؛ ولا فى طرق الطعن التى تنتظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها، قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها،  أو الدفاع عنها،  أو استئدائها،  أو الطعن فى الأحكام الصادرة فصلا فيها • ولايجوز بالتالى أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد فى شأن فئة بذاتها من المواطنين ؛ ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التى يعتبر ضمان الحق فيها، والنفاذ إليها، طريقا وحيداً لمباشرة حق التقاضى المنصوص عليه فى المادة 68 من الدستور ؛ ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التى يعتبر إهدارها أو تهوينها، إخلالا بالحماية التى يكفلها الدستور للحقوق جميعها.

وحيث إن  ماتنص عليه المادة 109 من مجموعة الأحوال الشخصية للأرمن من أن تحتضن الأم ولدها أثناء الزواج وبعد فسخه إلى أن يبلغ السابعة إذا كان ذكرا وإلى التاسعة إذا كان أنثى، مؤداه حرمان المحضون غير المسلم وكذلك حاضنته من حقين أساسيين :

أولهما : مساواة صغارها بالمحضونين من المسلمين الذين لاتنتهى حضانتهم وفقا لقانون أحوالهم الشخصية إلا ببلوغ الصغير عشر سنين والصغيرة اثنتى عشرة سنة.

ثانيهما : حق الحاضنة فى أن تطلب من القاضى – وبعد انقضاء المدة الأصلية للحضانة – أن يظل الصغير تحت يدها حتى الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك.

ولئن كان الحق الأول يستمد وجوده مباشرة من الدستور، إلا أن النفاذ إلى ثانيهما لايكون إلا من خلال حق التقاضى، فلايصادر هذا الحق بعمل تشريعى، وإلا كان ذلك نكولاً عن الخضوع للقانون، وإنكارا لحقائق العدل فى أخص مقوماتها.

وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص المطعون فيه، يكون مخالفا لأحكام المواد 9 و10 و40 و65 و68 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 109 من مجموعة الأرمن الأرثوذكس للأحوال الشخصية المعتمدة عام 1946، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

By

عدم دستورية المادة 139 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الخاصة بسن حضانة الأطفال

باسم  الشعب

المحكمة  الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت أول مارس سنة 1997 الموافق 21 شوال سنة1417 ه

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض                 رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين :الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى علي جبالى                    رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ حمدى أنور صابر                                        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 74 لسنة 17 قضائية “دستورية”.

المقامة من

السيدة / أمجاد إبراهيم شنوده القمص

 ضد

1- السيد / رئيس الجمهورية              

2- السيد / رئيس مجلس الوزراء                   

3- السيد / رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب                   

4- السيد / بطريرك الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة             

5- السيد / نبيل رمزى رزق الله

الإجراءات

بتاريخ التاسع عشر من شهر نوفمبر 1995، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة الحكم بعدم دستورية نص المادة 139 من لائحة الأقباط الأرثوذكس لسنة 1938 .

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها •

وقدم كل من المدعى عليه الرابع والخامس مذكرة بوجهة نظره •

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم • 

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة •

حيث إن الوقائع -على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليه الخامس – فى الدعوى الراهنة – كان قد أقام ضد المدعية الدعوى رقم 763 لسنة 1995 أمام محكمة حلوان الجزئية للأحوال الشخصية ( الدائرة الملية ) طالباً فى صحيفتها الحكم بإلزامها بأن ترفع يدها عن حضانتها لابنها منه “ماثيو نبيل رمزى” على سند من القول بأن الصغير بلغ السابعة من عمره، وهى أقصى سن للحضانة عملاً بنص المادة 139 من لائحة الأقباط الأرثوذكس لعام 1938، الواجب تطبيقها على طرفى التداعى  – المتحدين ملة ومذهبا – باعتبارها شريعتهما • وبجلسة 24/10/1995، دفع وكيل المدعية بعدم دستورية هذا النص • وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد أجلت نظر الدعوى لجلسة 28/11/1995 لتتخذ المدعية إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقامت دعواها الماثلة •

وحيث إن المادة 139 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى أقرها المجلس الملى العام، والمعمول بها اعتبارا من 8 يوليو 1938  تقضى فى فقرتها الأولى بأن تنتهى الحضانة ببلوغ الصبى سبع سنين، وبلوغ الصبية تسع سنين، وحينئذ يسلم الصغير إلى أبيه، أوعند عدمه إلى من له الولاية على نفسه • وفى فقرتها الثانية بأنه إذا لم يكن للصغير ولى، يترك عند الحاضنة إلى أن يرى المجلس من هو أولى منها باستلامه •

وحيث إن المدعية تنعى على هذا النص، إخلاله بأحكام المواد 2، 10، 40 من الدستور وذلك من عدة أوجه :  أولها: أن قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين، تطبق على المصريين جميعهم أياً كانت ديانتهم، ومن ثم تنتظمهم جميعاً قواعد موحدة فى شأن المواريث ونظم النفقات والطاعة • وتقرير سن للحضانه بما يرعى مصالح الصغير من الأمور التنظيمية التى لاتناقض الشريعة المسيحية فى جوهر أحكامها وأساس بنيانها، بل إن الشريعتين تدوران معاً حول رعاية النشء وإسعاده •  ثانيها: أن الدستور نص فى مادته العاشرة، على أن تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة وترعى النشء، وتوفر لهم ظروفاً مناسبة لتنمية ملكاتهم • وقد جاء النص المطعون فيه مجافياً للرعاية التى تطلبها الدستور للطفولة، وحال كذلك بين الصغير وتنمية ملكاته النفسية والوجدانية بعد أن انتزعه فى سن مبكرة من حضانة أمه، مفتتا بذلك شخصيته، ومُضيعا لوجوده •   ثالثها: أن النص المطعون فيه انطوى كذلك على تفرقه بين أبناء الوطن • فالصغار لزوجين مسيحيين متحدى الملة والطائفة، ينتزعون من أمهم فى سن السابعة، ولو كانت مصلحتهم تقتضى بقاءهم تحت يدها، فى الوقت الذى قد يظل فيه الصغير المسلم فى حجر أمه وحضانتها حتى الخامسة عشرة من عمره • كذلك تنتزع الصغيرة المسيحية من أمها فى التاسعة، رغم أن الصغيرة المسلمة قد تظل فى حضانة أمها حتى تتزوج • والتمييز بين أبناء الوطن الواحد على غير أسس منطقية، يعتبر تمييزاً تحكمياً منهياً عنه بنص المادة 40 من الدستور •

وحيث إنه بتاريخ 18/6/1996 أودع غبطة البابا شنوده الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس مذكرة أشار فيها إلى مايأتى :- 1- أن نصوصاً قاطعة الثبوت والدلالة تحكم الأقباط الأرثوذكس فى مسائل أحوالهم الشخصية، من بينها شريعة الزوجة الواحدة، ولاطلاق إلا لعلة الزنا، وتلك مسائل حسمتها آيات ثابتة  فى الإنجيل المقدس •  2- أن الزواج وآثاره لاينظمها، ولاينبغى أن يحكمها إلا شريعة العقد فيما لايتعارض مع آيات الإنجيل المقدس نصاً ودلالة، فعقد الزواج ماشُرع إلا لإثبات ماتم من طقس – هو صلاة الإكليل ( الشعائر الدينية ) – فى أحضان الكنيسة وتحت إشرافها وسيطرتها، والذى بدونه لاينعقد الزواج أصلاً •   3- أن ماورد بشأنه نص فى آيات الإنجيل المقدس، وماجاء بعقد الزواج، سواء نُص عليه أو لم ينظم فى لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس  – النافذة  اعتباراً من الثامن من يوليه 1938- هى أمور لامحل للاجتهاد بشأنها حتى من القائمين على الكنيسة •  4- وبالنسبة إلى مسألة تحديد سن الحضانة على ضوء مانصت عليه المادة 139 من اللائحة، أوضح غبطة البابا مايأتى :-  أولاً :     أنه لم يرد نص فى الإنجيل المقدس ينظم هذه المسألة • ثانياً :          أن مسألة تحديد سن لحضانة الأطفال مسألة تحكمها ظروف المجتمع من نواح عدة • ثالثا:          أن تحديد سن للحضانة يحكم كل أبناء الوطن الواحد، أمر أقرب إلى الواقع، ويتفق مع الاعتبارات العلمية والعملية، فضلاً عن أنه لايخالف نصاً حسبما سبق بيانه • رابعاً:          أنه لامانع لدى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من تحديد سن حضانة الأطفال بالنسبة إلى جميع المصريين، توكيداً لقاعدة المساواة بينهم، وبمراعاة أن بقاء الحاضنة على دينها الذى كانت تدين به وقت ولادة الأطفال، يعتبر من الشروط الجوهرية لاستمرارالحضانة •

وحيث إن المدعى عليه الخامس قدم مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الدعوى تأسيساً على أن النصوص الآمره التى تضمنتها اللائحة المطعون عليها، صدرت قبل تعديل نص المادة الثانية من الدستور، ولايتأتى بالتالى إعمالها فى شأن تشريع سابق على تعديلها • هذا فضلاً على أن حكمها ليس وجوبياً، بل يجوز للمشرع وفقاً لها استمداد القواعد الموضوعية التى ينظم بها حقوق المواطنين، من غير الأصول الكلية للشريعة الاسلامية، وعلى ضوء مايراه أكثر ملاءمة لمقتضى الحال • ولاينافى هذه الشريعة أو يقوض أسسها ما تقرر بالنص المطعون عليه فى شأن الحد الأقصى لسن الحضانة، بل إن الشريعة الإسلامية ذاتها تخول أهل الذمة الاحتكام إلى شرائعهم الدينية، ومن بينها لائحة الأقباط الأرثوذكس المطعون على أحد نصوصها والتى تعتبر أحكامها من القواعد الآمره التى لاتجوز مخالفتها •

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يتوافر ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها • متى كان ذلك وكانت المادة 139 المطعون عليها هى التى تحول بذاتها دون المدعية وبقاء صغيرها فى حضانتها، فإن طلبها إبطالها والرجوع إلى القواعد التى يتضمنها قانون الأحوال الشخصية للمسلمين فى هذا الشأن، يكون كافلاً مصلحتها الشخصية المباشرة •

وحيث إن تحديد مايدخل فى نطاق مسائل الأحوال الشخصية – وفى مجال التمييز بينها وبين الأحوال العينية – وإن ظل أمرا مختلفاً عليه، إلا أن عقد الزواج والطلاق وآثارهما يندرجان تحتها، لتدخل حضانة صغار المطلق من زوجته فى نطاق هذه المسائل، فتحكمها قواعدها •

وحيث إن المجالس الملية هى التى كان لها اختصاص الفصل فى مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، وكان تطبيقها لشرائعهم الدينية مقارنا لاختصاصها بالفصل فى نزاعاتهم المتصلة بأحوالهم الشخصية، فلا يكون قانونها الموضوعى الا قانونا دينياً• وظل هذا الاختصاص ثابتاً لهذه المجالس إلى أن صدر القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية، فقد قضى هذا القانون فى مادته الأولى بأن تلغى المحاكم الشرعية والملية ابتداء من 1/1/1956، على أن تحال الدعاوى التى كانت منظورة أمامها حتى 31/12/1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرارنظرها وفقاً لأحكام قانون المرافعات • 

ولئن وحد هذا القانون بذلك جهة القضاء التى عهد إليها بالفصل فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم، فحصرها – وأيا كانت ديانتهم – فى جهة القضاء الوطنى، إلا أن القواعد الموضوعية التى ينبغى تطبيقها على منازعاتهم فى شئون أحوالهم الشخصية، لاتزال غير موحدة،رغم تشتتها وبعثرتها بين مظان وجودها وغموض بعضها أحياناً • ذلك أن الفقرة الأولى من المادة 6 من هذا القانون تقضى بأن تصدر الأحكام فى منازعات الأحوال الشخصية التى كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر بنص المادة 280 من لائحة ترتيبها • وتنص فقرتها الثانية على أنه فيما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين، الذين تتحد طائفتهم وملتهم، وتكون لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون، فإن الفصل فيها يتم – فى نطاق النظام العام – طبقاً لشريعتهم •

وحيث إن ماتقدم مؤداه، أنه فيما عدا الدائرة المحدودة التى وحد المشرع فى نطاقها القواعد الموضوعية فى مسائل الأحوال الشخصية للمصريين جميعهم – كتلك التى تتعلق بمواريثهم ووصاياهم وأهليتهم – فإن المصريين غير المسلمين لايحتكمون لغير شرائعهم الدينية بالشروط التى حددها القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه، بل أن المادة 7 من هذا القانون تنص على أن تغيير الطائفة أو الملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى، لايؤثر فى تطبيق الفقرة الثانية من المادة 6من هذا القانون، مالم يكن التغيير إلى الإسلام •

وحيث إن المشرع وقد أحال فى شأن الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين – وفى إطار القواعد الموضوعية التى تنظمها – إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها فى كل مايتصل بها، فإن المشرع يكون قد ارتقى بالقواعد التى تتضنمها هذه الشرائع، إلى مرتبة القواعد القانونية التى ينضبط بها المخاطبون بأحكامها، فلايحيدون عنها فى مختلف مظاهرة سلوكهم  • ويندرج تحتها – وفى نطاق الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس – لائحتهم التى أقرها المجلس الملى العام بجلسته المنعقدة فى 9 مايو 1938، والتى عمل بها اعتباراً من 8 يولية 1938، إذ تعتبر القواعد التى احتوتها  لائحتهم هذه  – وعلى ماتنص عليه الفقرة الثانية من المادة 6من القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار اليه – شريعتهم التى تنظم أصلاً مسائل أحوالهم الشخصية، بما مؤداه خضوعها للرقابة الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة •

وحيث إن ماتنعاه المدعية من مخالفة نص المادة 139 المطعون عليها للمادة الثانية من الدستور، مردود بأن قضاء هذه المحكمة مطرد على أن حكم هذه المادة – بعد تعديلها فى 22 مايو 1980- يدل على أن الدستور – واعتبارا من تاريخ العمل بهذا التعديل – قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداها تَقَيدها – فيما تقره من النصوص القانونية – بمراعاه الأصول الكلية  للشريعة الإسلامية، إذ هى جوهر بنيانها وركيزتها، وقد اعتبرها الدستور أصلا ينبغى أن ترد إليه هذه النصوص، فلا تتنافر مع مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها، وإن لم يكن لازما استمداد  تلك النصوص مباشرة منها، بل يكفيها ألا تعارضها، ودون ما إخلال بالقيود الأخرى التى فرضها الدستور على السلطة التشريعية فى ممارستها لاختصاصاتها الدستورية • ومن ثم لاتمتد الرقابة على الشرعية الدستورية التى تباشرها هذه المحكمة فى مجال تطبيقها للمادة الثانية من الدستور، لغير النصوص القانونية الصادرة بعد تعديلها • ولا كذلك نص المادة 139 المطعون عليها، إذ أقرها المجلس الملى العام للاقباط الارثوذكس ، وعمل بها قبل تعديل المادة الثانية من الدستور، فلا تتناولها الرقابة على الدستورية، أيا كان وجه الرأى فى اتفاقها أوتعارضها مع الأصول الكلية للشريعة الإسلامية • 

وحيث إن الحضانة -فى أصل شرعتها- هى ولاية للتربية غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه فى الفترة الأولى من حياته • والأصل فيها هو مصلحة الصغير، وهى تتحقق بأن تضمه الحاضنة – التى لها الحق فى تربيته – إلى جناحها باعتبارها أحفظ عليه، وأحرص على توجيهه وصيانته، ولأن انتزاعه منها – وهى أشفق عليه وأوثق اتصالا به، وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبراً – مظلمة للصغير إبان الفترة الدقيقة التى لايستقل فيها بأموره، والتى لايجوز خلالها أن يعهد به إلى غير مؤتمن، يأكل من نفقته، ويطعمه نزراً، أو ينظر إليه شزرا • ولاتقيم الشريعة الإسلامية – فى مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها – ولا شريعة غير المسلمين من الأقباط الأرثوذكس – التى حدد الإنجيل المقدس ملامحها الرئيسية – لسن الحضانة تخوماً لايجوز تجاوزها، انطلاقا من أن تربية الصغير مسألة لها خطرها، وأن تطرق الخلل إليها – ولو فى بعض جوانبها – مدعاة لضياع الولد، ومن ثم تعين أن يتحدد مداها بما يكون كافلا لمصلحته، وأدعى لدفع المضره عنه، وعلى تقدير أن مدار الحضانة على نفع المحضون، وأن رعايته مقدمة على أية مصلحة لغيره، حتى عند من يقولون بأن الحضانة لاتتمحض عن حق للصغير، وإنما يتداخل فيها حق من ترعاه ويعهد إليها بأمره •

وحيث إن الدستور – وفى إطار المقومات الأساسية للمجتمع التى تنتظم المصريين جميعا، فلا يتوجهون لغيرها أو ينعزلون عنها – قد أورد أحكاما رئيسية ترعى الأسرة المصرية – سواء فى خصائصها، أو على صعيد الأفراد الذين يكونونها – هى تلك التى فصلتها المواد 9 و01 و 11 و 12 من الدستور • وقد دل بها على أن الحق فى تكوين الأسرة لاينفصل عن الحق فى صونها على امتداد مراحل بقائها، لتأمينها مما يخل بوحدتها، أو يؤثر سلبا فى ترابطها، أو فى القيم والتقاليد التى تنصهر فيها، بل يزكيها كافلا لبنيها تراحما أوثق، ولأطفالها إشرابهم  مبادئها، ومعاونتهم على صون أعراضهم وعقولهم وأموالهم وأبدانهم وعقيدتهم مما ينال  منها أو يقوضها، وكذلك اختيار أنماط من الحياة يتعايشون معها، فلا تتفرق الأسرة التى تضمهم – وهى بنيان مجتمعهم – ولا تتنصل من واجباتها قبلهم، بل تتحمل مسئوليتها عنهم صحيا وتعليميا وتربويا • 

بل إن الأسرة فى توجهاتها لاتعمل بعيداً عن الدين ولا عن الأخلاق أو الوطنية، ولكنها تنميها – وعلى ضوء أعمق مستوياتها وأجلها شأنا – من خلال روافد لاانقطاع لجريانها، يتصدرها إرساء أمومتها وطفولتها بما يحفظها ويرعاها، والتوفيق بين عمل المرأة فى مجتمعها وواجباتها فى نطاق أسرتها، وبمراعاة طابعها الأصيل بوصفها الوحدة الأولى التى تصون لمجتمعها تلك القيم والتقاليد التى ىؤمن بها، تثبيتا لها وتمكينا منها •

وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكانت الأسرة المصرية لا يصلحها اختيار سن للحضانة لايكون محدداً وفقا لتغير الزمان والمكان • ولايقيمها كذلك  انتزاع الصغير أو الصغيرة من حاضنته إعناتا أو ترويعا، أو إغفال الفروق الجوهرية بين المحضونين تبعا لذكورتهم وأنوثتهم، وخصائص تكوينهم التى تتحدد على ضوئها درجة احتياجهم إلى من يقومون على تربيتهم وتقويمهم ووقايتهم مما يؤذيهم، وكذلك إعدادهم لحياة أفضل ينخرطون فيها بعد تهيئتهم لمسئوليتها؛ وكان تعهد المحضون – صغيراً كان أم صغيرة – بما يحول دون الإضرار بهما، مؤداه أن يكون لحضانتهما سن تكفل الخير لهما فى إطار من الحق والعدل • وشرط ذلك اعتدالها، فلا يكون قِصَرها نافيا عن حضانتهم متطلباتها من الصون والتقويم وعلى الأخص من الناحيتين النفسية والعقلية، ولا امتدادها مجاوزاً تلك الحدود التى تتوازن بها حضانتهم مع مصلحة أبيهم فى أن يباشر عليهم إشرافاً مباشراً، بل تكون مدة حضانتهم بين هذين الأمرين قواما، وهو ما نحاه المشرع بالفقرة الأولى من المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 – بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1985 – من أن حق حضانة النساء ينتهى ببلوغ الصغير سن العاشرة وبلوغ الصغيرة  اثنتى عشرة سنة • ويجوز للقاضى بعد هذه السن إبقاء الصغير حتى سن الخامسة عشرة والصغيرة حتى تتزوج فى يد الحاضنة – ودون أجر حضانة – إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك •

وحيث إن تحديد سن الحضانة على النحو المتقدم، وإن تعلق بالمسلمين من المصريين، إلا أن هذا التحديد أوثق اتصالا بمصلحة الصغير والصغيرة اللذين تضمهما أسرة واحدة وإن تفرق أبواها • ولايجوز فى مسألة لايتعلق فيها تحديد هذه السن بأصول العقيدة وجوهر أحكامها، أن يمايز المشرع فى مجال ضبطها بين المصريين تبعا لديانتهم، ذلك أن الأصل هو مساواتهم قانونا ضمانا لتكافؤ الحماية التى يكفلها الدستور أوالمشرع لجموعهم، سواء فى مجال الحقوق التى يتمتعون بها أو على صعيد واجباتهم • والصغير والصغيرة – فى شأن حضانتهما – يحتاجان معا لخدمة النساء وفقا لقواعد موحدة لاتمييز فيها • والأسرة القبطية هى ذاتها الأسرة المسلمة، فيما خلا الأصول الكلية لعقيدة كل منهما، وتظلهم بالتالى القيم والتقاليد عينها • وإلى مجتمعهم يفيئون، فلا يكون تقيدهم بالأسس التى يقوم عليها – فى مقوماتها وخصائصها – إلا تعبيراً عن انتمائهم إلى هذا الوطن واندماجهم فيه، تربويا وخلقيا ودينيا • وماالدين الحق إلا رحمة للعالمين •

وكلما كفل المشرع لبعض أبناء الوطن الواحد حقوقا حجبها عن سواهم على غير أسس موضوعية، كان معمقا فى وجدانهم وعقولهم اعتقاداً أو شعوراً بأنهم أقل شأنا من غيرهم من المواطنين  •

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك، على أن الناس لايتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى؛ ولا فى نطاق القواعد الموضوعية والاجرائية التى تحكم الخصومة عينها؛ ولا فى فعالية ضمانة الدفاع التى يكفلها الدستور للحقوق التى يطلبونها؛ ولا فى اقتضائها وفق مقايس واحدة عند توافر شروط طلبها؛ ولا فى طرق الطعن التى تنتظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها، قواعد موحدة سواء فى مجال التداعى بشأنها،  أو الدفاع عنها،  أو استئدائها،  أو الطعن فى الأحكام الصادرة فصلا فيها • ولايجوز بالتالى أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد فى شأن فئة بذاتها من المواطنين؛ ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التى يعتبر ضمان الحق فيها، والنفاذ إليها، طريقا وحيداً لمباشرة حق التقاضى المنصوص عليه فى المادة 68 من الدستور؛ ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التى يعتبر إهدارها أو تهوينها، إخلالا بالحماية التى يكفلها الدستور للحقوق جميعها •

وحيث إن النص المطعون فيه، إذ قضى بأن بلوغ الصبى سبع سنين والصبية تسعا، مؤداه انتهاء حضانتهما، ووجوب تسليمهما فور انقضاء مدتها إلى أبيهما، فإن لم يوجد، فللولى على نفسيهما • فان لم يوجد، ظلا عند حاضنتهما إلى أن يقرر المجلس الملى من يكون أولى منها باستلامهما، فإنه بذلك يكون قد حرم المحضون وحاضنته من حقين جوهريين كفلهما الدستور :   أولهما: مساواة صغارها بالمحضونين من المسلمين الذين لاتنتهى حضانتهم وفقا لقانون أحوالهم الشخصية إلا ببلوغ الصغير عشر سنين والصغيرة اثنتى عشرة سنة •   ثانيهما: حق الحاضنة فى أن تطلب من القاضى – وبعد انقضاء المدة الأصلية للحضانة – أن يظل الصغير تحت يدها حتى الخامسة عشرة، والصغيرة حتى تتزوج، إذا تبين أن مصلحتهما تقتضى ذلك • 

ولئن كان الحق الأول يستمد وجوده مباشرة من نص القانون، إلا أن النفاذ إلى ثانيهما لايكون إلا من خلال حق التقاضى • فاذا صادره المشرع، كان ذلك منه إنكاراً للعدالة فى أخص مقوماتها، ونكولاً عن الخضوع للقانون •

وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النص المطعون فيه، يكون مخالفا لأحكام المواد 9و01و11و21 و04 و56 و86 و561 من الدستور •

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 139 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى أقرها المجلس الملى العام بجلسته فى 9 مايو 1938، والمعمول بها اعتباراً من 8 يوليو 1938، وألزمت الحكومة المصروفات